كلنا بحاجة إلى أن ننتهز فرص تجليات الله تعالى على عباده بالرحمة، نحن مثقلون بالأوزار،غارقون في الذنوب، ولسنا نملك والحالة هذه سوى أن نتصيد هذه الأوقات التي أنبأ عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي يتجلى الله عز وجل فيها على عباده بالرحمة، ليس لنا من سبيل إلا أن ننتهز هذه الفرص لنتعرض لرحمة الله،ومغفرته، وإكرامه، ونبسط أكف الضراعة والافتقار إليه، داعين متضرعين أن يخفف عنا عز وجل من ذنوبنا، وأن يكرمنا بالعفو والعافية التامة، وأن يرحم أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مما أصابها.
الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، ياربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، سبحانك اللهم لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، أرسله الله إلى العالم كله بشيراً ونذيراً، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد؛ صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين، وأوصيكم ' أيها المسلمون ' ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى.أما بعد، عباد الله: فإن الله سبحانه وتعالى تواب رحيم، غني كريم، شرع لعباده أنواعًا من العبادات تكفَّر بها ذنوبهم، وتمحَى بها خطاياهم؛ من الذكر والدعاء والصلاة والصدقة والحج والعمرة والبر والصلة، ومن تلك العبادات العظيمة الصيام؛ فإنه عمل عظيم يظهر فيه الإخلاص، اختص الله تعالى به، فأجر الصائم على الله عز وجل: (الصيام لي وأنا أجزي به) ولذا رغب النبي في الصيام وحث عليه وداوم عليه. يقول عليه الصلاة والسلام : (فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفّرها الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) رواه الترمذي، وفي الحديث أيضا : (في الجنة باب يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد)، فهنيئًا لمن حرص على الصيام واشتغل به وأكثر منه.وهنيئا لمن عرف قيمة الشهر الذي نحن فيه. شهر شعبان شهر متميز من أشهر العام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحفل به بعد شهر رمضان كما لم يكن يحفل بأي شهر من شهور العام، هذا الشهر ترتفع فيه الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى كما قال عليه الصلاة والسلام، شهر يرحم الله عز وجل فيه المسترحمين، ويغفر لعباده المستغفرين، هذا الشهر شهر يعتق الله سبحانه وتعالى فيه أعداداً لا تحصى من عباده، ولقد روى أسامة بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أنه سأله قائلاً: يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من شهور العام كما تصوم من شهر شعبان، فقال عليه الصلاة والسلام (ذلك شهر يغفل عنه كثير من الناس بين رجب ورمضان، وهو شهر ترتفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل، فأحب أن يرتفع عملي إلى الله وأنا صائم)، رواه النسائي والحديث ذو سند صحيح، وروى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما من شهر أكثر صياماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم منه في شهر شعبان) والسبب ما قد ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أسامة بن زيد.وروى البيهقي بإسناد جيد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فصلى وسجد وأطال السجود حتى ظننت أنه قد قبض، فلما رأيت ذلك قمت وحركت أنمله فتحرك، فرجعت فسمعته يقول في سجوده: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، فلما سلم قال لي يا عائشة: أظننت أن النبي قد خاس بك؟ قلت لا والله يا رسول الله، ولكنني ظننت أنك قد قبضت - أي لطول سجوده وعدم تحركه - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعلمين أي ليلة هذه؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: إنها ليلة النصف من شعبان، يطلع الله عز وجل فيها على عباده فيقول: ألا هل من مستغفر فأغفر له، ألا هل من سائل فأعطيه، ألا هل من داع فأستجيب له، ويؤخر أهل الأحقاد كما هم) والأحاديث التي وردت في فضل شعبان عموماً، وليلة النصف من شعبان جزء من ليالي هذا الشهر المبارك كثيرة،هي في جملتها صحيحة وقوية لا يلحقها الريب والشك.
عباد الله، كلنا بحاجة إلى أن ننتهز فرص تجليات الله تعالى على عباده بالرحمة، نحن مثقلون بالأوزار،غارقون في الذنوب، ولسنا نملك والحالة هذه سوى أن نتصيد هذه الأوقات التي أنبأ عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي يتجلى الله عز وجل فيها على عباده بالرحمة، ليس لنا من سبيل إلا أن ننتهز هذه الفرص لنتعرض لرحمة الله،ومغفرته، وإكرامه، ونبسط أكف الضراعة والافتقار إليه، داعين متضرعين أن يخفف عنا عز وجل من ذنوبنا، وأن يكرمنا بالعفو والعافية التامة، وأن يرحم أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مما قد أصابها.إنها فرصة بين يدي شهر رمضان المبارك ، المفروض أن يكون العبد المسرف على نفسه المثقل بالأوزار هو السباق إلى باب الله عز وجل يطرقه ويستجدى منه المغفرة والصفح، ولكن الأمر يجري على العكس من ذلك، فالله عز وجل هو الذي يلاحق عباده، هو الذي يلاحق التائهين المعرضين الغافلين ، يدعوهم إلى أن يعودوا فيصطلحوا معه، يدعوهم إلى أن يعودوا فيجددوا البيعة له، يدعوهم أن يعودوا إلى رحابه ليرحمهم وليغفر لهم وليحط عنهم من أوزارهم وآصارهم، وهذه صورة من صور رحمة الله عز وجل بعباده، إنها ظاهرة تجعل الإنسان يذوب خجلاً من الله، في مثل هذا الشهر المبارك يلاحق الله عز وجل عباده الشاردين التائهين العاصين له، العاكفين على أوزراهم ، ليقول لهم: أما آن لكم أن تعودوا، أما آن لكم أن ترفعوا رؤوسكم عن الغي قبل أن تنتهي الفرصة ويحين المعاد {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 57/16] تلك صورة من أجلِّ صور رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده، ولكن هذا لا يعني ما قد يفهمه بعض الناس من أن المسلم يكفيه أن يلتفت إلى الله عز وجل في مثل هذه الفرص فيتزود لنفسه بالكثير أو القليل من رحمات الله عز وجل ومغفرته، حتى إذا زالت هذه الفرصة وانطوت عاد مرة أخرى إلى غيه، عاد مرة أخرى إلى شروده وانحرافه، إياكم أن تفهموا هذا، إن فرص الله عز وجل متوالية ومتسلسلة ومترابطة، وينبغي للإنسان أن يعاهد الله عز وجل على أن يُقبل إليه إقبالاً دائماً ولا يدبر {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 15/99] أي الموت، ينبغي للعبد الذي آمن بالله أن يعقد صفقة مبايعة مع الله عز وجل تتضمن معنى قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ}[الأنعام: 6/162] لا يجوز ولا ينبغي للإنسان أن يلتقط فرصاً تلوح أمامه في حياته ليقبل فيها على الله، وليغسل كيانه من الأدران والآثام، ثم يعود مرة أخرى ليثقل ظهره بأمثالها في انتظار فرصة قادمة آتية، لعل الفرصة لا تأتيك، لعل الموت يكون سباقاً إليك. ينبغي أن تكون عبادتنا لله عز وجل دائمة مستمرة، والعبادة تتنوع لكن أول أنواع العبادات وأقدسها الدعاء الضارع، التوجه إلى الله عز وجل بالدعاء ، الدعاء الملحاح دائماً، لا الدعاء عندما تطوف بالإنسان مصائب ورزايا ونوائب فقط . ما دمت عبداً لله فأنت في كل لحظة بحاجة إلى عناية الله، ومن ثم فأنت بحاجة في كل لحظة إلى أن تمد يد الافتقار والمسألة إلى الله {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ} [غافر: 40/14] هذا كلام الله سبحانه وتعالى، وما ينبغي لك أن تكون كما قال الله عز وجل {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ} [الحج: 22/11] ما ينبغي أن يكون أحدنا في حالة يذكر الله، وفي حالة أخرى يتيه عن الله عز وجل وينساه، نحن في كل الأحوال عبيد الله عز وجل، ومصيرنا في كل الأحوال معلق على كرم الله سبحانه وتعالى ولطفه وإحسانه. في الناس من إذا كانوا في العافية والنعم نسوا الله، وإن لم ينسوه تصوروا أنهم ليسوا بحاجة إلى أن يمدوا يد المسألة إلى الله، لأنهم لا يعانون من مصيبة، ولا من مشكلة، فإذا انقلبت الأحوال، وإذا غابت النعم تذكروا عندئذ أنهم بحاجة إلى الله، هذا مظهر من مظاهر اللؤم أيها الإخوة،هذه طبيعة خسيسة لنفوس مريضة. أنا مادمت عبداً لله فإنني في كل الأحوال محتاج إلى أن أمد يد المسألة إلى الله، إن كنت في حالة عافية ونعمة ورغد عيش فأنا بحاجة أن أقول لله: يارب أبقٍ علي نعمك، أبقٍ علي عافيتك، لا تحرمني هذا الإكرام الذي تمتعني به، وإن رأيت أن هذه النعمة تزول فأنا أيضاً بحاجة إلى أن أسأل الله عز وجل وأقول له يارب: عرفني نعمك بدوامها، ولا تعرفني إياها بفقدها، وإن رأيت أن الله عز وجل قد أحاطك بعنايته وبإكرامه، فانظر إلى عباد الله من حولك، انظر إلى أولئك الذين ابتلاهم الله عز وجل، واعلم أن الله عز وجل جعل عباده بعضهم فتنة لبعض، وصدق الله القائل:{وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً}[الفرقان: 25/20].إذن، في كل لحظة أنت بحاجة إلى أن تسأل الله عز وجل، إن لم تسأله لنفسك فاسأله لإخوانك، ادع الله عز وجل لإخوتك الذين تنظر أوتسمع أنباء المصائب تتهاوى عليهم، ولله عز وجل في كل شيء حكمة، ترى هل يطبق المسلمون معنى كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)
هل يشتكي العالم الإسلامي كله ويئن كما يئن المسلمون في كثير من بلاد الاسلام؟ أم إننا نسرح ونمرح ونأكل ونلهو وننام ملء أعيننا ولا يهمنا هذا الأمر بشكل من الأشكال، أو يهمنا بقدرما نسمع الأخبار فنعلق عليها تسلية وامضاء للوقت، هذه الأمور أيها الإخوة ينبغي أن نكون على بينة منها، لاسيما في هذا الشهر المبارك، ونحن على يقين أن أقوى سلاح يستعمله عباد الله المؤمنون لاستنزال النصرمن الله، هو سلاح الالتجاء إلى الله، وسلاح الدعاء الدائم والدائب على أبواب الله سبحانه وتعالى بعد التوبة وبعد الإنابة والإخلاص كما قال عز وجل: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ} [غافر: 40/14] فالله عز وجل وعد ولاشك أن وعده منفذ، وصدق الله القائل {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظّالِمِينَ}[آل عمران: 3/151] هذا وعد من الله عز وجل ووعده نافذ، ولكن الله عز وجل يريد أن يسمع من عباده الضراعة، يريد أن يسمع من عباده حديث الشكوى، يريد أن يسمع من عباده ما يدل على ذل عبوديتهم له عز وجل، ويريد من عباده قبل ذلك أن يتوبوا وأن يؤوبوا، وأن يصلحوا ما بينهم، وأن يصلحوا ما بينهم وبين مولاهم وخالقهم عز وجل، أسأل الله سبحانه وتعالى، أن يرزقنا صدق التوبة والإنابة، وأن يعيدنا إلى رحابه، وأن يجعلنا ممن يلتصق بأعتاب كرمه وجوده داعين متضرعين .أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه ،إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن العبادة المقبولة التي يثاب صاحبها عليها هي ما اشتملت على شرطين عظيمين ،أولهما: الإخلاص لله تعالى، والثاني: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى:" قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [آل عمران:31].فلا يكفي الإخلاص دون المتابعة، فمن كان مخلصًا ولم يكن متَّبعًا للنبي في هديه وعبادته فإن عمله مردود عليه، (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) أخرجه مسلم، أي: مردود على صاحبه.
عباد الله ، مما أحدث في شهر شعبان مما ليس منه ، تخصيص ليلة النصف منه بصلاة وقيام ليل، وتخصيص اليوم الخامس عشر منه بالصيام، وهذا التخصيص لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يأمر به، ولم يفعله، وإنما أحدثه الناس بعد ذلك، ونظرًا لكثرة ما يقال عن هذه الليلة في بعض الإذاعات ووسائل الإعلام وما يُتحدث به في المجالس فلا بد من أن نكون على علم بهذه المسألة لمعرفة الحق فيها، ولبيان ذلك نقول :اولا:عن أبي بكر قال: قال رسول الله : (يطّلع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مُشاحن)، وقد صحح هذا الحديث بعض أهل العلم، وغاية ما يدل عليه هذا الحديث الإخبار عن إطلاع الله تعالى ومغفرته لذنوب عباده إلا من كان من أهل الشحناء أو من أهل الشرك، وفي هذا تعظيم للشرك، وتعظيم للعداوة والشحناء بين المؤمنين، وليس في هذا الحديث أمر أو ندب لقيام هذه الليلة أو صيام نهارها، وأما الأحاديث الواردة في الحثّ على قيام تلك الليلة وصيام نهارها فهي أحاديث لا تصح. ثانيا:ما يفعله بعض الناس من الاجتماع في ليلة النصف من شعبان في المساجد وإحياء تلك الليلة فهذه بدعة منكرة؛ لأن النبي وأصحابه لم يفعلوها ولم يأمروا بها، وهم أحرص منا على الخير، روى ابن وضاح عن زيد بن أَسْلَم قال: "ما أدركنا أحدًا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان"، وقيل لابن مُلَيكَة: إن زيادًا النّمَيري يقول: إن ليلة النصف من شعبان كأجر ليلة القدر! فقال: لو سمعته وبيدي عصا لضربته.
أيها المؤمنون ،لما كان شعبان كالمقدمة لرمضان فقد شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القران، ليحصل التأهب والاستعداد لتلقي رمضان وتتروض النفوس بذلك على طاعة الرحمن،ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الصيام في هذا الشهر المبارك، ويغتنم وقت غفلة الناس وهو من هو صلى الله عليه وسلم،الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وكذلك كان حال السلف.كان عمرو بن قيس إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القران، قال أبو بكر البلخي: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع، وقال أيضا: مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان، وها قد مضى رجب فما أنت فاعل في شعبان إن كنت تريد رمضان، هذا حال نبيك وحال سلف الأمة في هذا الشهر المبارك، فما هو موقعك من هذه الأعمال والدرجات؟
اللهم إنا نسألك علماً نافعاً وقلباً خاشعاً ولساناً ذاكراً. اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع ومن دعوة لا تسمع اللهم إنا نعوذ بك من هؤلاء الأربع. اللهم إنا نسألك العلم النافع والعمل الصالح اللهم إنا نسألك البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها وأنت على كل شيء قدير. نسألك اللهم باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت، أن تصلح حال أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن ترحم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن تنصر أمة محمد صلى الله عليه وسلم . اللهم لا تجعل لنا في هذا اليوم الكريم ذنباً إلى غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته, ولا ميتاً إلا رحمته, ولا عاصياً إلا هديته, ولا ديناً إلا قضيته, ولا مبتلى إلا عافيته, ولا عسيراً إلا يسرته, ولا مظلوماً إلا نصرته, ولا ظالماً إلا إلى الحق أرشدته, فإن أبى فلا تدعه إلا قهرته، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا قضيتها ويسرتها برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم احشرنا يوم القيامة في زمرة نبينا محمد وتحت لواء نبينا محمد آمين. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جمعة 08 شعبان 1427 / 01 شتنبر 2006
مسجد الرحمن ـ دبيلت ـ