12022024الإثنين
Last updateالجمعة, 17 تشرين2 2023 8pm

خطب ومحاضرات

تدبر سورة العصر

العصر

الأمة في خطر وأنت جزء من هذه الأمة.الأئمة المصلحون والمخلصون لهذا الدين ولهذه الأمة ينادون جميعهم بشيء واحد:لابد من العودة إلى الإسلام.فما معنى العودة إلى الإسلام ؟هل معناه أننا ارتددنا عن ديننا والعياذ بالله ونريد أن نرجع إليه؟ لا،أبدا فالأمة لازالت مؤمنة بربها وقرآنها ورسولها محمد صلى الله عليه وسلم ..ولكنها أساءت فهمها للدين وأساءت تطبيقها لتعاليم الإسلام وخصوصا من يتولون أمور هذه الأمة من الحكام والمسؤولين ،حتى إن منهم من يحارب الإسلام من داخل بلاد الإسلام.

الحمد لله ذي القوَّةِ القادرَة والحِكمةِ الباهِرَة، لا ينفُذ إلا أمرُه، ولا يمضِي إلا قدَرُه، "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ "[يس: 82، 83]وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحده لا شريكَ له،وأشهَد أن محمّدًا عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أيّها المسلمون،تحدثنا في الجمعتين الماضيتين عن الدروس التي يجب أن نستخلصها من فترة العطلة الصيفية والكثير منا حين عودته يريد أن يقارن بين الأوضاع هنا وهناك ، اقتصادية كانت أو سياسية ،اجتماعية أو أخلاقية ،في حين أن المقارنة الحقيقية يجب أن تكون بين حال الأمة في الواقع وبين تعاليم الإسلام النقية السمحة الصالحة لكل زمان ومكان.وهنا لا يقتصر الأمر على شعب معين أو دولة محددة ،فالأمة الإسلامية من شرقها إلى غربها ليست مصطلحة مع الله،بل هي في مجملها،بوعي أو بغير وعي ، تحارب شريعة الله ومنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم.الأمة في خطر وأنت جزء من هذه الأمة.الأئمة المصلحون والمخلصون لهذا الدين ولهذه الأمة ينادون جميعهم بشيء واحد:لابد من العودة إلى الإسلام.فما معنى العودة إلى الإسلام ؟هل معناه أننا ارتددنا عن ديننا والعياذ بالله ونريد أن نرجع إليه؟ لا،أبدا فالأمة لازالت مؤمنة بربها وقرآنها ورسولها محمد صلى الله عليه وسلم ..ولكنها أساءت فهمها للدين وأساءت تطبيقها لتعاليم الإسلام وخصوصا من يتولون أمور هذه الأمة من الحكام والمسؤولين ،حتى إن منهم من يحارب الإسلام من داخل بلاد الإسلام.العودة إلى الإسلام نعني بها أن تستقيم الأمة على أمر الله وأن تحكم شرع الله في البلاد والعباد ...أن ترجع إلى الدين الصحيح فهما وتطبيقا ،أخلاقا وسلوكا ..هذه هي العودة إلى الدين ،وهذه العودة تبدأ منك أنت أخي المسلم أختي المسلمة ..أساس العودة يبدأ من الفرد .الفرد في شريعتنا هو أساس الجماعة الصالحة .والجماعة الصالحة هي أساس الأمة الصالحة .ولن يصلح حال الأمة إلا بصلاح أفرادها.هل تقدر هذه المسؤولية؟ أنت مسؤول في صلاح الأمة أو في فسادها.إذا أردت أن تبني بناية عظيمة فلابد من أساس متين قوي .وأساس هذا البناء كله :اللبنة السليمة (ليس فيها عيوب ولا اعوجاج ولا مشققة ولا مغشوشة) اللبنة الصالحة في بناء المجتمع هو الفرد الصالح ،الإنسان الصالح ،المسلم الصالح ،مسلم سورة العصر،المسلم الناجي الفائز الذي قال الله تعالى فيه :"والعصر.إن الإنسان لفي خسر.إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر."

أول شروط النجاة وأول شروط الصلاح هو الإيمان.سلامة العقيدة.ثلاث عشرة سنة والنبي صلى الله عليه وسلم لا هم له ولا شغل إلا غرس عقيدة التوحيد وطرد عبادة الطاغوت.كل الطواغيت.طل ما يعبد ويعظم ويطاع طاعة عمياء من دون الله ،بشرا كان أو جنا أو نجما أو شجرة أو حيوانا فهو طاغوت.وهذه قضية الوجود كله وبها جاء الأنبياء جميعهم:"ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت." (النحل 36) .فأول ما يطالب به الفرد المسلم أن يقوي إيمانه بالله عز وجل ،أن يقرأ كتابه الناطق الذي هو القرآن وأن يقرأ كتابه الصامت الذي هو الكون.قو إيمانك بالعمل ليوم الحساب والجزاء فغن هذه الحياة أيام معدودة ثم يطوى كتابك وتنتقل إلى حياة أخرى تجزى فيها بما كسبت يداك(فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) .والقرآن لما أشار إلى النجاة من الخسران عبر عن الإنسان المؤمن بصيغة الجمع (إلا الذين آمنوا) الناجون جماعة ولا نجاة لفرد وحده .لابد أن يضع المسلم يده في يد إخوانه المؤمنين. المسلم لا يعيش وحده وإنما يرتبط بالجماعة ،يوادها وتواده ينصح له وتنصح له .الإسلام يغرس في المسلم روح الجماعة بالإيمان الحقيقي الذي يثمر عملا لأنه لا فائدة للإيمان بلا عمل ولا معنى للعلم بلا عمل.ولهذا نجد القرآن الكريم يعرض علينا حقائق الإيمان في شكل أخلاق وأعمال:"إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون،الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ." إيمانهم يظهر في أعمال قلبية ،وجل وخشوع للقلوب عند ذكر الله أو قراءة القرآن ،وأعمال ظاهرة عملية كإقامة الصلاة والإنفاق في سبيل الله.وهؤلاء قال الله فيهم :"أولئك هم المؤمنون حقا." الإيمان الحقيقي نتيجته العمل.وليس أي عمل،ولكن العمل الصالح :"إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات" وكلمة الصالحات في القرآن الكريم تعني وتشمل كل ما يصلح به الفرد ويصلح به المجتمع روحيا كان أم ماديا.كان الصحابة رضوان الله عليهم أسرع الناس إلى العمل ...إلى البذل والعطاء في سبيل الله .نزل قول الله تعالى :" لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ." فجاء الصحابة يتصدقون بأفضل ما عندهم،حتى إن أبا طلحة كان عنده بستان من أفضل بساتين المدينة ويقدر بمال كثير،فجاء يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: أشهدك يا رسول أني جعلته في سبيل الله.كانوا يترجمون ما يتنزل من القرآن إلى واقع حي.في معركة اليمامة حين كان المسلمون يحاربون المرتدين من أتباع مسيلمة الكذاب،كان أكثر الناس إقداما وأشجعهم قراء القرآن،وكان ينادي بعضهم بعضا :يا أصحاب سورة البقرة قاتلوا في سبيل الله..وكان حذيفة بن اليمان يقول :يا أهل القرآن ،زينوا القرآن بالفعال.ولذلك قتل في تلك المعركة عدد كثير من القراء .بشر الحافي ،الزاهد المعروف كان يقول لطلبة علم الحديث:]ا أصحاب الحديث أدوا زكاة حديثكم ،اعملوا من كل مائة حديث بخمسة أحاديث على الأقل.العمل لابد منه.لابد أن تعمل بما أمرك الله به في نفسك وأهلك ومن حولك .الإيمان وعمل الصالحات هما أساس الإنسان الناجي .الشرط الثالث الذي دلت عليه سورة العصر هو التواصي بالحق.والتواصي معناه أن توصي غيرك بالحق وأن تقبل من غيرك الوصية بالحق.كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع إلى النصيحة من أصحابه ويستمع إلى الرأي الآخر في وقائع كثيرة نجدها في السيرة النبوية .وكان أبو بكر يقول على المنبر في أول خطبته:"أيها الناس ،إن رأيتموني على حق فأعينوني ،وإن رأيتموني على باطل فسددوني" وكان عمر بن الخطاب بعده يقول :"رحم الله امرءا أهدى إلي عيوب نفسي.ولما نصحه بعض الناس وقال له:" اتق الله يا أمير المؤمنين ." غضب بعض من حوله وقال:أتقول هذا لأمير المؤمنين ؟ فقال عمر:" دعوه ،لا خير فيكم إذا لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نسمعها." أيها المؤمنون،التواصي بالحق يعني أن يوصي كل وحد غيره بالحق .وأقرب الناس إليك لتوصيهم بالحق من كانوا تحت مسؤوليتك ،زوجتك وأبناؤك ،بناتك وإخوانك والحق هو ما جاء به الإسلام من عقائد وعبادات وأخلاق وأعمال .سواء تعلق الأمر بالدين أم بالدنيا.ومن هنا كانت فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفريضة الدعوة إلى الله ..الدعوة إلى الحق.كل مسلم يجب أن يدعو إلى الله ،بالحكمة والموعظة الحسنة.المسلم لا يهتم فقط بأمره وبكسبه ولا يهمه ما يجري لإخوانه هنا أو هناك في مشارق الأرض ومغاربها .ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.اللهم افتح مسامع قلوبنا لذكرك وارزقنا طاعتك وطاعة رسولك وعملا بكتابك .ادعوا الله عسى أن تكون ساعة استجابة.

الحمد لله ..
قال الإمام الشافعي رحمه الله عن سورة العصر:" لو عمل الناس بها لكفتهم " وذلك لأنها رسمت المنهج الكامل للإنسان الصالح،الإنسان الناجي.الشرط الرابع في هذه السورة العظيمة بعد الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق هو التواصي بالصبر. لأن طريق الحق محفوفة بالأشواك ومليئة بالأخطار،وطعم الحق مر.وذلك منذ بعث الله الأنبياء والمرسلين مبشرين ومنذرين ،ولذلك أوصى الله رسوله بقوله:"فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل."(الأحقاف 35) وقوله سبحانه:" واصبر وما صبرك إلا بالله."(النحل127) لا يمكن أن تقوم دعوة للحق بغير صبر وثبات ،ومادام الإنسان قد حقق الشرط الأول الذي هو الإيمان ،فإنه لا يبالي بما أصابه في جنب الله.الإيمان يهون كل المتاعب ويسهل كل المصاعب.
بعث عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيشا إلى الروم وفيهم الصحابي الجليل عبد الله بن حذافة السهمي فسقط المسلمون أسرى في أيدي الروم وقيل لملكهم إن في الجيش أحد أصحاب محمد فقال لهم :أجيعوه.فمنعوا عنه الطعام والشراب أياما ثم قال :اعرضوا عليه لحم الخنزير.فأبى أن يأكل منه.فجيء به أمام الملك فقال له:مالك لا تأكل لحم الخنزير ؟أليس هذا حلالا لكم في مثل حالتك؟فقال له." لقد علمت والله إنه حلال لي وأن الله قد رخص لي في أكله ولكن ما كنت لأقر عينك بأكلي من هذا الخنزير.فقال له الملك :ما رأيك أن تدخل في النصرانية وأشركك في ملكي وأمري وسلطاني؟ فقال:والله لو عرضت علي ما تملك وما يملك جميع العرب والعجم على أن أترك دين محمد صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما فعلت ذلك.فقال :إذن أقتلك.قال:أنت وذاك. فقال لهم اصلبوه ،وارموا قريبا من يديه ورجليه ولا تصيبوه .ففعلوا ذلك ،يفزعوه ويخيفوه وهو ثابت كالجبل لا يتزعزع.فأنزله وقال له:ألا تدخل في النصرانية فأبى.فجيء بأسيرين من المسلمين أمامه وأمر بماء في قدر وقد اشتد غليانه ثم ألقوا فيه أحد الأسيرين حتى بدت عظامه ثم قيل له :أتريد أن تلقى مصير هذا ؟ أدخل في النصرانية.فأبى.فقال:إذن ألقيك في هذا القدر كما فعل بصاحبك؟ فدمعت عيناه .فظنوا أنه قد ضعف وجزع . قالوا إنه بكى. فقال الملك في نفسه هذه هي الفرصة المناسبة فعرض عليه الدخول في النصرانية ،فأبى.فقال له :فلماذا بكيت؟ فقال:بكيت لأنك إذا وضعتني في هذا القدر هلكت وذهبت نفسي.وكنت أود والله لو أن لي تحت كل شعرة نفسا تلقى حتفها في سبيل الله. تعجب الملك من ثبات وصبر وصمود هذا الصحابي فقال له : تقبل رأسي وأخلي سبيلك وسبيل جميع أسرى المسلمين .فقال في نفسه :عدو من أعداء الله يخلي سبيلي وسبيل جميع أسرى المسلمين ما علي إذا قبلت رأسه ،فقام وقبل رأسه فأطلق سراحهم جميعا.ولما عاد إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقص عليه الخبر وكأنه يعتذر له لأنه قبل رأس ذلك الطاغية ،قال عمر:حق على كل من في مجلسنا أن يقوم ويقبل رأس عبد الله بن حذافة وأنا أبدأ وقام وقبل رأسه، وقبل رأسه جميع الحاضرين. هذه أيها المسلمون هي النفوس التي رباها الإسلام. هذا هو الفرد الذي يتقدم به المجتمع وترقى و تصلح به الأمة.فاللهم اجعلنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وثبتنا على التواصي بالحق وبالصبر على ذلك . { إشارة وتحفيز على المشاركة في التبرع والخروج لجمع التبرعات لبناء المسجد وقد تحققت الخطوة الأولى بموافقة الجهات الرسمية عل مشروع البناء.ثم الإعلان عن بدء دروس تعليم اللغة العربية وتحفيظ القرآن الكريم ابتداء من الأسبوع القادم والتزام أولياء التلاميذ بالواجبات المتعلقة بذلك}
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا، اللهم لا تجعلنا ممن زين له سوء عمله فرآه حسنا، اللهم اجعل يومنا خيراً من أمسنا واجعل غدنا خيراً من يومناً وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، اللهم أكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وزدنا ولا تنقصنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وارض عنا وأرضنا، ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم. اللهم آمين.

مسجد الرحمن .دبيلت / هولندا
21 رجب 1426/ 26 أغسطس 2005
 

Bookmakers bonuses with www gbetting.co.uk site.