كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث على الجماعة، ومثّل عليه الصلاة والسلام المنفردين بالشاة القاصية التي تبتعد وتنعزل عن الغنم، فيأتي الذئب على حين غفلة من الرعاة، فيأخذها ويختطفها،وكذلكم الشيطان ، متى وجد أحدا شاذاً في قول، أومنفرداً بعقيدة، أووجد فئة قليلة على مذهب شاذ مخالف لما عليه الجماعة ؛ تمكن منهم، وأدخل عليهم البدع، وأدخل عليهم الوساوس، فإذا انتبهوا لأنفسهم،وتمسكوا بالصراط المستقيم، واجتمعت كلمتهم مع علمائهم ودعاتهم، وإخوانهم؛ فإن الشيطان لا يقوى عليهم ،
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله أرسله ربه بالهدى ودين الحق بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، اللهم صل وسلم وبارك على هذا الرسول الكريم، وعلى آله وصحابته، وأحينا اللهم على سنته، وأمتنا على ملته، واحشرنا في زمرته مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، أما بعد،،،أيها الأخوة المسلمون ، إنَّ غايةَ الإسلام العظمى هي إصلاحُ القلوب وتقويم الأخلاق ، عن النّعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : (إنَّ الحلال بيِّن، وإنَّ الحرامَ بيِّن، وبينهما أمورٌ مشتبِهات، لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس، فمن اتَّقى الشبهاتِ فقد استبرَأ لدينِه وعرضِه، ومن وقع في الشّبهات وقعَ في الحرام، كالرّاعي يرعَى حول الحمى يوشِك أن يرتَع فيه، ألا وإنَّ لكلّ ملِكٍ حمًى، ألا وإنَّ حمى الله محارمُه، ألا وإنَّ في الجسد مضغة، إذا صلحت صلَح الجسَد كلّه، وإذا فسَدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب) رواه البخاري ومسلم.
ومن أعظمِ غاياتِ الشريعةِ الإسلاميّة الكثيرة، اجتماعَ الكلمة وألفَة القلوب بين المسلمين؛ لأنّه باجتماع الكلمة تتحقّقُ مصالح الدّين والدنيا،ويتحقّق التناصرُ والتعاون ، قال الله تعالى: "وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ" [آل عمران:103]، وقال تعالى: "وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ" [الأنعام:153]، وقال تعالى: " وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ" [المائدة:2]، وفي الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: (مثَل المؤمنين في توادّهم وتراحمِهم وتعاطفِهم كمثَل الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالسّهر والحمَّى) رواه البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وفي الحديث الآخر:(المؤمنِ للمؤمن كالبنيان يشُدّ بعضُه بعضاً) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري .ومِن أعظم ما نهى الله عنه ونهى عنه رسوله الفرقةُ والاختلاف، قال الله تعالى: " وَلاَ تَنَـٰزَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَٱصْبِرُواْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِينَ" [الأنفال:46]، وقال تعالى: " وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْبَيّنَـٰتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [آل عمران:105]،وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تختلفوا فتختلفَ قلوبُكم)،وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (الخلاف شرٌّ كلّه)، وقال الحسن بن علي رضي الله عنه:(أيّها النّاس، إنَّ الذي تكرَهون في الجماعة خيرٌ مما تحِبّوه في الفرقة).هذه المعاني العظيمة واجبة في كلِّ وقتٍ على كل مسلم،ولكنّها متأكّدة الوجوبِ في أوقاتِ الشدائد والأزمات والفِتن، حفاظاً على حوزة المسلمين وحراسة للملّة والدين؛ لأنَّ اجتماع الكلمة قوّةُ المسلمين،واختلافُ الكلمة ضعفُ لهم وهوان. ولذلك أمر النبي بلزوم إمامِ المسلمين وجماعتِهم، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:(من خلع يداً من طاعة لقي الله يومَ القيامة ولا حُجّة له، ومن مات وليس في عنقِه بيعةٌ مات ميتة جاهليّة) رواه مسلم، وعن الحارث الأشعريّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أنا آمركم بخمسٍ اللهُ أمرني بهنَّ: بالجماعة وبالسمع والطاعة والهجرة والجهادِ في سبيل الله، فإنّه من خرج من الجماعة قيدَ شبرٍ فقد خلع رِبقةَ الإسلام من عنقه إلى أن يرجِع، ومن دعا بدعوَى الجاهليّة فهو من جُثاءِ جهنم)، قالوا: يا رسول الله، وإن صام وصلى؟! قال:(وإن صام وصلى وزعَم أنّه مسلم، فادعوا المسلمين بأسمائِهم بما سمّاهم الله عز وجل: المسلمين المؤمنين عبادَ الله عز وجل) (حديث صحيح رواه أحمد والترمذي والحاكم)، وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ثلاثة لا تَسْأل عنهم: رجل فارَق الجماعة وعصى إمامَه ومات عاصياً، وعبدٌ أبق فمات، وامرأة غابَ عنها زوجُها يكفيها المؤنة فتبرّجت من بعدِه) رواه أحمد والبخاري ، ومعنى:(لا تسأل عنهم) أي: إنهم هالكون لعظم معصيتِهم . وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(يدُ الله على الجماعة) رواه الطبراني .وقد ظل الرسول الكريم ،الرؤوف الرحيم بأمته يردد هذه الوصية الهامة حتى آخر حياته ، فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله موعظةً وجِلت منها القلوب، وذرفَت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنّها موعظة مودِّع فأوصنا، قال:(أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمّر عليكم عبد، فإنّه من يعِش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين، عضّوا عليها بالنواجذ، وإيّاكم ومحدثاتِ الأمور، فإن كلَّ بدعة ضلالة) رواه أبو داود والترمذي .ومن أعظمِ ما نهى عنه الإسلام الخوضُ بالباطل في الأحداث والفتن، قال الله تعالى: " وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ" [الإسراء:36]، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(إيّاكم والفتن؛ فإنَّ اللّسان فيها كوقعِ السيف) رواه ابن ماجه. فالواجبُ على المسلم أن يكفَّ يدَه ولسانَه عمَّا حرَّم الله عز وجل وقتَ كثرة القيل والفتن.ونُحذِّربهذه المناسبة المسلمين عامّة وشبابَنا خاصّة في بلاد الغرب من التأثّر بالأفكار الوافِدة والفتاوى الخاصة ببلد معين أو مذهب معين والتي يريد أصحابها أو يفهم منها من يسمعها أنها صالحة لجميع البلاد ولكافة العباد.فالكثير مما يُنشَرعبرَ الفضائيّات وعبرَ شبكة المعلومات يؤدي عدم فهمه إلى نشرالفُرقة والاختلاف بين المسلمين،بل تصل الوقاحة والجرأة على العلماء من بعض الجهلة الذين يظنون انهم تفقهوا في الدين بمجرد سماع الأشرطة أو متابعة القنوات الفضائية. فيسبون العلماء وينتقصون من قدرهم ويقولون هم رجال ونحن رجال.ولو كانوا حقا رجالا لأخذوا العلم من أفواه الرجال ، ومن دروس العلم الخاصة والعامة ، وليس من قنوات كالضريع لا تسمن ولا تغني من جوع.عباد الله، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال «نعم» قلت وهل بعد هذا الشر من خير ؟ قال «نَعَمْ، وفيه دَخَنٌ» قلتُ وما دَخَنُهُ؟ قال «قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر» قلت فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال «نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها» قلت يا رسول الله، صفهم لنا، قال «هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا» قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم» قلت فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال «فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعضّ بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك» أخرجه البخاري ومسلم .
لماذا الاختلاف إذن ؟ لماذا التفرق؟ لماذا نتحزب أحزاباً ونتشرذم جماعات صغيرة؟! ولماذا نتسمى بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان؟! التفرق طريق الشيطان إلى التحزبات وإلى تفرق الكلمة وكلما تفرق المسلمون وتباعدوا واختلفت كلمتهم ضعفت قوتهم، وإذا ضعفت قوتهم قوي أعداؤهم عليهم، فتسلطوا عليهم. ولو تتبعنا التواريخ والوقائع التي وقعت على الأمم السابقة، بل وعلى هذه الأمة؛ لوجدنا أنهم إنما يسلط عليهم الأعداء عندما تتفرق كلمتهم، أما إذا اجتمعوا فإنهم يصيرون إخوة، هدفهم واحد، ووجهتهم نحو العدو واحدة، وهكذا. ذكروا في تاريخ آخر القرن الأول، أن المسلمين كانوا يقاتلون في حدود أفغانستان، فتركوا القتال في وقت من الأوقات، إذ ظهرت بينهم أحزاب وخلافات بسبب المفاخرات، هذه القبيلة تفتخربآبائها، وهذه القبيلة تذكر نسبها، وهذه تذكر حسبها، فحصل بينهم شقاق ومنازعات، فتولى عليه قتيبة بن مسلم الهلالي، وهو أحد القواد المصلحين، فخطبهم وقال: لماذا تتفرقون؟! ولماذا تتحزبون؟! كلكم من آدم! وكلكم مسلمون! وكلكم على شريعة واحدة! تعبدون رباً واحداً، وتدينون ديناً واحداً، فاجتمعوا ووجهوا قوتكم إلى عدوكم، فإن عدوكم بحاجة إلى أن تذلوه، وعدوكم يفرح بهذه التفرقات فيكم. فلماعادوا إلى رشدهم واجتمعت من جديد كلمتهم ،صاروا يفتحون بلاد أفغانستان، وبلاد السند، وبلاد ما وراء النهر بلداً بلداً إلى أن حققوا مراد الله فيهم. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحث على الجماعة، وقد مثّل عليه الصلاة والسلام المنفردين بالشاة القاصية التي تبتعد وتنعزل عن الغنم، فيأتي الذئب على حين غفلة من الرعاة، فيأخذها ويختطفها،وكذلكم الشيطان ، متى وجد أحدا شاذاً في قول، أومنفرداً بعقيدة، أووجد فئة قليلة على مذهب شاذ مخالف لما عليه الجماعة ؛ تمكن منهم، وأدخل عليهم البدع، وأدخل عليهم الوساوس، فإذا انتبهوا لأنفسهم،وتمسكوا بالصراط المستقيم، واجتمعت كلمتهم مع علمائهم ودعاتهم، وإخوانهم؛ فإن الشيطان لا يقوى عليهم ، كلما وسوس إليهم بوسوسة وألقى في قلوبهم أو في قلب أحدهم شكاً أو ريباً أو شبهةً احترقت بنور النبوة، احترقت بأنوار الشريعة، بنور الاسلام ونور الايمان ولم يبق له عليهم سلطان:" إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ " [النحل:100].أيّها المسلمون، اشكُروا نعمَ الله عليكم الظاهرة والباطنة، وحاسبوا أنفسَكم قبلَ العرض على الله،الجماعة نعمة من اعظم النعم فحافظوا عليها من أن تضيع وإذا ضاعت فإنما يحمل وزرضياعها من سعى في ذلك وسنسأل جميعا عن هذه النعمة الجليلة . فالزَموا التّوبة في كلّ حالٍ من جميع الذنوب يدفع الله عنكم المكروهاتِ والكربات، قال الله تعالى:" وَإِنّى لَغَفَّارٌ لّمَن تَابَ وَامَنَ وَعَمِلَ صَـٰلِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ" [طه:82].اللهم افتح مسامع قلوبنا لذكرك وارزقنا طاعتك وطاعة رسولك وعملا بكتابك ، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله، غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ ذِى ٱلطَّوْلِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ[غافر:3]، أحمدُ ربّي وأشكرُه على نعمِه العظيمة وآلائه الجسيمة. وأشهد أن لا إله إلا الله العليم القدير، وأشهد أن نبيّنا وسيّدنا محمّداً عبده ورسوله البشير النذير. اللهمّ صلِّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.أمّا بعد عبادَ الله، جاء شيخ كبير إلى مجلس الإمام الشافعى، فسأله: ما الدليل والبرهان في دين الله؟ فقال الشافعي: كتاب الله. فقال الشيخ: وماذا- أيضا-؟ قال: سنة رسول الله. قال الشيخ: وماذا- أيضا-؟ قال: اتفاق الأمة. قال الشيخ: من أين قلت اتفاق الأمة؟ فسكت الشافعي، فقال له الشيخ: سأمهلك ثلاثة أيام. وبعد ثلاثة أيام جاء الشيخ إلى مجلس الشافعي، فسلم وجلس. فقال له الشافعي: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات، حتى هداني الله إلى قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا}.فمن خالف ما اتفق عليه علماء المسلمين من غير دليل صحيح أدخله الله النار، وساءت مصيرا.فقال الشيخ: صدقت.عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويكره لكم ثلاثاً: يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا. ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: خطبنا عمر بالجابية فقال:" يا أيها الناس! إني قمت فيكم كمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا فقال: «أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يُستحلف، ويشهد الشاهد ولا يُستشهد، ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان، عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة؛ فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، من سرته حسنته وساءته سيئته فذلكم المؤمن».وعن سلمان الفارسي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البركة في ثلاثة: في الجماعة، والثريد، والسحور»
عبادَ الله، جدِّدوا التوبةَ في كلِّ وقتٍ وحين، فهي العدّة لكلِّ شدّة، وصلّوا على نبيّ الهدى ورسوله المصطفى، كما أمركم الله بذلك في قوله: " إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً"[الأحزاب:56] اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميد مجيد، وسلّم تسليماً كثيراً. اللهم أحي قلوبنا بطاعتك، واملأها بنورك وهدايتك، اللهم جنبنا الغفلات وموارد الهلكة والحسرات، اللهم زك نفوسنا، وارفع هممنا،واحفظ أوقاتنا من الضياع، وأيامنا من الغفلة، واجعل مقاصدنا في أوقاتنا عظيمة، وأعمالنا فيها صالحة كريمة. اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك ،وتحوُّل عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك. اللهم احفظنا بالإِسلام قياماً، واحفظنا بالإِسلام قعوداً، واحفظنا بالإِسلام رقوداً، ولا تُشمت بنا عدواً ولا حاسداً. اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويعاف فيه أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر وتقال فيه كلمة الحق لا يخشى قائلها في الله لومة لائم. اللهم هيء لهذه الأمة من يقيم علم الجهاد ويجدد أمر الدين.اللهم ألِّف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجِّنا من الظلمات إلى النور، وجنِّبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا، وأبصارنا، وقلوبنا، وأزواجنا وذرياتنا، وتُب علينا إِنك أنت التَّوَّاب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمك مثنين بها عليك قابلين لها وأتممها علينا، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
جمعة 12 جمادى الثانية 1430/ 5 يونيو 2009
مسجد الرحمن / دبيلت ـ هولندا