سعيد بن محمد ديب حوّى (1354 –1409هـ)(1935-1989م) حمل دعوة جماعة الإخوان المسلمين إلى سورية عدد من علماء الدين السوريين الذين درسوا في القاهرة وتتلمذوا على يد حسن البنا، فتأثروا بمنهجه في التفكيرورؤيته للإصلاح،وكان في مقدمتهم مصطفى السباعي،وعبد الفتاح أبو غدة،وغيرهما من الرعيل الأول الذين قاموا بإكمال مسيرة الإخوان في ظروف سياسية استثنائية.وكان سعيد حوى من أهم من حمل هذا اللواء من بعدهم حيث تميز بغزارة الإنتاج وكثرة النشاط.
ولد سعيد بن محمد ديب بن محمود حوَّى النعيمي - المعروف بسعيد حَّوى- في مدينة حماة بسورية في(28 جمادى الآخرسنة 1354 هـ الموافق ل 27 سبتمبر 1935م)، ونشأ في حماة لعائلة معروفة، فكان والده من رجال حماة، وله مشاركات واسعة في مواجهة الاحتلال الفرنسي لسوريا. وقد توفيت والدة سعيد حوى وهو في الثانية من عمره، فتعهدته جدّته بالتربية والتهذيب. إلى جانب دراسته عمل مع والده منذ صغره على بيع الحبوب والخضار والفاكهة، وكان من صغره مولعاً بالمطالعة والقراءة، وحفظ القرآن، وكانت تتولى تحفيظه سيدة كفيفة من أقربائه.التحق سعيد حوى بمدرسة ابن رشد الثانوية، وبدا عليه التميز في عدة مجالات أبرزها تمكنه من الخطابة. في هذه الفترة المبكرة من حياته كانت سورية تموج فيها أفكار كثيرة وتيارات فكرية متعددة للقوميين والاشتراكين والبعثيين والإخوان المسلمين، لكن بحكم تكوينه الفكري الديني فقد انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين سنة1372 هـ الموافق ل 1952م وهو لا يزال في الصف الأول الثانوي. ثم التحق بجامعة دمشقسنة 1956، ودخل كلية الشريعة بها، وتتلمذ على عدد من أهم أستاذة الشريعة وفي مقدمتهم الدكتورمصطفى السباعيأول مراقب لجماعة الإخوان بسورية، والفقيهمصطفى الزرقا،وفوزي فيض الله،ومعروف الدواليبي. كما درس على يد عدد كبير من الأساتذة، منهم الشيخ محمد الحامد، والشيخ محمد الهاشمي، والشيخعبد الوهاب دبس، والشيخعبد الكريم الرفاعي. وتخرج من الجامعة سنة1961، وبعد عامين التحق بالخدمة العسكرية ضابطًا في كلية الاحتياط، وتزوج في هذه الفترة، فأنجب أربعة أولاد.بعد خروجه من الجيش سافر إلىالمملكة العربية السعوديةسنة 1966وعمل مدرسًا للغة العربية والتربية الإسلامية، ومكث هناك أربع سنوات عاد بعدها إلى سورية، حيث اشتغل بالتدريس في مدارسها لمدة ثلاث سنوات حتى تعرض للاعتقال والسجن لمدة خمس سنوات وذلك بسبب مشاركته في البيان الذي صدر سنة 1973 مطالبًا بإسلاميّة سورية ودستورها. استغل سعيد حوى هذه الفترة التي قضاها في السجن، فألف عددًا من الكتب، أهمها "الأساس في التفسير" الذي طبع في أحد عشر مجلدًا. بعد خروجه من المعتقل، تولى مسؤولية قيادة جماعة الإخوان في ظروف بالغة الحرج، حيث المراقبة والتقييد من السلطات هناك في الفترة من سنة 1979 إلى سنة 1982 ، ثم ترك ذلك إلى المشاركة في قيادة التنظيم العالمي لقيادة جماعة الإخوان من سنة 1982إلى سنة 1984، ثم عاد إلى المشاركة في قيادة الإخوان في سورية حيث أجبرته ظروفه الصحية على اعتزال العمل القيادي، بسبب إصابته بشلل جزئي، بالإضافة إلى أمراضه التي تكالبت عليه،كالسكريوالضغط وتصلب الشرايين والكلى وضعف البصر، ثم لم يلبث أن دخل في غيبوبة الموت من ديسمبر 1988 حتى 9 من مارس 1989 حيث توفي بعد معاناة وصراع مع المرض في المستشفى الإسلامي بعمان ، ودفن في مقبرة سحاب جنوب عمان بالأردن. وقد رثاهزهير الشاويشبقوله: "إن سعيد حوى كان من أنجح الدعاة الذين عرفتهم أو قرأت عنهم، حيث استطاع إيصال ما عنده من رأي ومعرفة إلى العدد الكبير من الناس، وقد مات وعمره لم يتجاوز الثالثة والخمسين، وهو عمر قصير، وترك من المؤلفات العدد الكبير، مما يلحقه بالمكثرين من المؤلفين في عصرنا الحاضر".
تميز سعيد حوى بفهم عال يجمع إلى جانب الدعوة الإسلامية التحرك السياسي المعتدل، والتصوف السني المتقيد بالقرآن والسنة النبوية، مع فقه الواقع وترتيب الأولويات، وقد عني الشيخ أيضاً بالدعوة إلى توحد الأمة الإسلامية وإقامة "دولة الإسلام العالمية"، وصياغة الشخصية الإسلامية صياغةً صحيحةً.
كانت وسيلة سعيد حوى في نقل أفكاره هي الخطب وإلقاء المحاضرات، وكان كثير الحركة والتنقل في البلاد العربية والإسلامية والأوروبية، بالإضافة إلى طول باعه في التأليف، وحيويته المتدفقة، وكان يميل في عرض موضوعاته وأفكاره إلى السهولة والسلاسة بلا تزيُّد أو تعقيد أو ميل إلى تنميق العبارة، فهو يكتب كما يحاضر ويتكلم، وبلغ من حرصه على ذلك أنه لم يكن يهتم أحيانًا بصياغة الموضوع بأسلوبه إذا وجد من سبقه إلى بيانه، ولا يتردد في أن يقتبس ممن سبقه مبيَّنًا سبقه وفضله.
كان لسعيد حوى قبول عام بين المسلمين، ويكاد يجمع كل من اتصل بالشيخ على تواضعه وزهده، وبساطته في المظهر وتدينه وحرصه على التعبد وتلاوة القرآن، كما كان واضحاً انشغاله بالقضايا العامة للمسلمين، والعمل على إيجاد الحلول لها. عرف الشيخ بجرأته فيما يقول ويكتب، وبروحه المتسامحة وأخلاقه الطيبة، ونفسه الزاهدة، فقد توالى طبع كتبه ومؤلفاته دون إذن منه، وتربَّح من ورائها الناشرون فما جعل من ذلك مشكلةً مع أحد، وكأنه يسعى إلى أن ينتشر فكره بين أوسع قطاع ممكن من الناس.
كان سعيد حوى -فيما يقال عنه -قريبا من الناس وذا شعبية كبيرة، يأسر الناس بخطابه ويشدهم بحديثه ومنطقه الدقيق وثقافته العالية. كما كان رقيق القلب، مرهف الشعور، يغلبه البكاء حين يسمع قضيةً إنسانيةً مؤلمةً خاصة تلك التي تتصل بالشعوب الإسلامية.
ترك الشيخ مؤلفات كثيرةً، نال معظمها الذيوع والانتشار والقبول بين الناس فأقبلوا عليها، وكان أمراً ملفتاً أن الرجل المشغول بالحركة والتنقل بين الناس، والممتلئ بإلقاء الخطب والمحاضرات قد اتسع وقته للتأليف بهذه الغزارة، وأخرج للناس عشرات الكتب المهمة، ومن أشهر هذه الكتب:
- 1-الله جل جلاله.
- 2-كتاب الرسول.
- 3-كتاب الإسلام.
- 4-الأساس في التفسيرفي 11 مجلدًا.
- 5-الأساس في السنة وفقههافي 14 مجلدًا.
- 6-الأساس في قواعد المعرفة وضوابط الفهم للنصوص.
- 7-تربيتنا الروحية.
- 8-المستخلص في تزكية الأنفس.
- 9-مذكرات في منازل الصدّيقين والربّانيين. للكتاب طبعة في عام 1989
- 10-جند الله ثقافة وأخلاقاً.
- 11-جند الله تخطيطاً.
- 12-جند الله تنظيماً.
- 13-من أجل خطوة إلى الأمام على طريق الجهاد المبارك.
- 14-المدخل إلى دعوة الإخوان المسلمين.
- 15-في آفاق التعاليم: دراسة في آفاق دعوة الأستاذ البناء ونظرية الحركة فيها.
- 16-كي لا نمضي بعيداً عن احتياجات العصر. (11 رسالة).
- 17-هذه تجربتي.. وهذه شهادتي.
- 18-عقد القرن الخامس عشر الهجري.