1 - جغرافيا .
قاس هذا البلد حتى في اخضراره،
ينتفض الريح صقيعا جارحا
والمطرينساب حين ينساب
في رشاقة أحلام الصبا
من مناطق من ضباب
عذب خلاب
يختبئ الزمن في طياته ،
وراء نوافذ من فضول وإعجاب ،
يحكي عن نفسه ..لنفسه
رتابة الأيام وعزلة الشهور .
في المهجر إمّا أن تكون شجرة صنوبر
أو علامة استفهام..
قطعة جغرافيا بين الماء والماء ،
هو هذا المكان
سهل العبور ، سهل العيش، سهل الظهور
يقولون ..ويرددون.
ولا سهل هاهنا إلاّ من نصب
إلاّ ما اقتلعته
أو ابتلعته
أو صار حطب .
أخيّ هذا الموطن صعب صعب
فإمّا أن تتخلّى عن أوراقك كلّها
وإمّا أن تصير لهب .
2 . خرائط .
ضاعت منا الأوراق منذ البداية
رائحة الشذى..
كل ما هو دلا لة أو حقيبة ،
أو لقاء .
ضيّعونا في البحث عن أسمائنا ،
عفوا، عن أسمائهم .
أضاعونا في كافيتريا الأمم المتحدة
وطلبوا منا التصويت
على الموت ،
على مغادرة الوطن .
ولم نمت بتلك الطريقة
لن نغادر البيت – الصخرة العتيقة ..
ادخلوا التاريخ المزوّر إن شئتم ،
فلنا تاريخ آخر
لنا موعد مع القمر
ولن ننتقل من هاهنا إلاّ بالنّصر
أو الى القبر .
ثم خذوا بعدها جسدي إن شئتم ،
مزّقوه على واجهات الأخبار ،
أو اطمسوا أثره داخل الادانة ،
فسيظلّ يسعى .. يزحف
يقصّ رائحة البرتقال ويسعى..يزحف
مع الريح ،
مع دم الشهداء ،
يحفر في الارض جذور البقاء
ويلتحق بالأوكار، بحواصل الطير
يدفن فيها جراحه
وينهض
جسدا من حديد ،
ولن نموت كما اتفقتم ،
لن نغادر هذا المبنى
فنحن مثله من عرق..وصبر، وحجر .
خذوا إن شئتم مكاني
خذوا اسمي
تكفيني صخرة على التل
والأطفال من خلف الشمس
يرسمون خرائط الزمن القادم
وأنا أمشي إليهم
يتعثر الخطو..أسقط ،أنهض،
وأمشي..إليهم
إلي أمشي
كلنا نمشي
ولن نموت كما اتفقتم،
لن نغادر أجسادنا إلاّ إلى الحرية ،
أو شهداء .
3 – تاريخنا واحد .
( تلتحم الهزّات والعثرات للفصل بيننا )
ونظل نمشي
نخوة ،
هو الموت على صعيدك الطيب
صحوة ،
هذه الاطلالة على ضفاف مآقيك .
وأقسم ألاّ أنزح عن ظلّي
ألا أبرح مكاني
وأنا أمشي..
سأنتظرك كما في العصور القديمة
على بوابات المدن النحاسية
على الشواطىء
على الروابي ،
بين الرماديّ والهجر أتسامق
مع الأخضر أسبح
في أنين المبعدين أرتفع
مع الندى
مع السواقي
ليقطر صوتي على صبحك الفتّان
على دمى
تاريخنا يا أرض الاسراء واحد
من حمزة الى يحيى
الى آخر حجر في الشهادة .
4- الصورة الوحيدة .
من فحولة الأعشاب البرية
من تسامق شجر البرتقال وطيب الزيتون ،
أتوحد فيك
بعد شتات القرون
أحملك فوق الجبين
تحملينني
أحلم بك
تلدينني ،
وأحلم بتوهجنا داخل غزة
وعلى الضفة الممنوعة
ترسو موانئي الضائعة
يرسو اشتياقي
أحملك على يديّ المقطوعتين
أصبّك على احتراقي
فينمو الجلد من جديد
تنهض يداي من حديد
أنت المرفأ ونهاية المطاف
أنت اللؤلؤة
أنت البداية
أنت آخر الحديث
وأحملك على عنقي
خماسية الاركان
أصبك من عمقي
على أجفاني
لن تضيعي هكذا
لن تضيعي ابدا
أنت الصورة الوحيدة
وأنا الحائط العنيد ،
أنا ،
بين الكلام المنمّق
والصمت المقيت ،
أكتب اسمك فوق الاسماء
فوق الماء العميق ،
وأتوحد فيك
من رمز الحجارة
الى فجر الدلالة .
وأكتبك ،
من ماء وقمر
أكتبك على سطوح المنازل
وعلى انتظاري .
أكتبك ،
كما الاطفال في بداية الربيع
يبحثون في صدف المحار
عن آخر الاخبار
عن أول شهيد .
أكتبك من ضياء
من صنوبر
ومن لهفي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محمد وحيد الجابري
بلتهوفن / هولندا : أبريل 1999/ اكتوبر 2009