لمحات من سورة التحريم
"عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا " (5)"
* صفات إماء الله الصالحات:
تحدث الله في بداية السورة عن أهم صفات أمهات المؤمنين
- أزواج النبي - وهن القدوة لكل النساء وهي :
- مسلمات: أي مؤديات حق الإسلام عليهن بالقول والفعل والعبادات والمعاملات.
ـ مؤمنات: أي موقنات ومعترفات بأصول الإيمان لبناء التصور والفكر القويم عن طريق الله المستقيم.
- تائبات: أي راجعات عن الزلل إن وقعن فيه وآيبات إلى الله الغفور الرحيم.
- قانتات عابدات سائحات: وكلها مدارج العبادة لتحسين السلوك وتهذيب النفوس.
* اتساع المجال الذي ينبغي للمرأة أن تتمثله:
ثم عرضت السورة مثالين وألمحت فيهما إلى اتساع المجال الذي ينبغي للمرأة أن تتمثله:
- بدءا من المشاركة - مشاركة الرجل - في القيادة لاتخاذ أهم القرارات المصيرية والسياسية ، وحتى المعارضة على الخطأ والرأي والرأي الآخر - بالمفهوم السياسي - إن تطلب الأمر.
- وانتهاء بدورها الهام والحيوي والذي تنفرد به دون منازع وهو الحفاظ على الفضيلة والأخلاق سواء بالممارسة أو غرسها في الأجيال عن طريق التربية وتوجيه وإرشاد الناشئة.
"ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط ، كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين (10) وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين (11) ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين (12)"
* النقيض السياسي في المثلين:
- العنصر الأول من المثل الأول كان سيئا للتحذير منه وهو امرأة نوح الذي كان قائدا للبشرية يومئذ نحو النجاة ، فقد خانت زوجته واجبها ولم تؤد دورها بل انحازت إلى الهالكين غرقا من قومها.
- وعلى النقيض منه العنصر الأول من المثل الثاني وهو امرأة فرعون التي عارضت بشدة جبروت القيادة ورمز الظلم وهو فرعون ، وقامت بهذا الدور قدر استطاعتها بل كان لها الإسهام الأكبر في نشر الخير بحماية موسى ودعوة زوجها وهو - الحاكم الظالم - لتبنيه صغيرا حتى ترعرع كبيرا فكان ذلك سببا في نصرة الخير على الشر وبذلك لم تنحز إلى الهالكين غرقا من قومها أيضا ، وما أشبه الليلة بالبارحة.
* النقيض الأخلاقي في المثلين:
- والعنصر الثاني من المثل الأول كان سيئا وهو امرأة لوط التي آثرت الرذيلة على الفضيلة ولم تتبع طريق العفة والطهارة وكانت مع القوم الذين يعملون الخبائث وخانت بذلك واجبها نحو الأخلاق والطهر.
- وعلى النقيض منه العنصر الثاني من المثل الثاني وهو مريم البتول التي حافظت على شرفها وعفتها برغم ابتلائها في عرضها من قبل قومها فصبرت حتى برأها الله من فوق سبع سماوات وكرمها بحمل عيسى رسولا يكلم الناس في المهد وكهلا جرت على يديه الكثير من المعجزات وملأ ذكره الآفاق وبذلك ظلت هي وابنها المثل الأعلى للعالمين في مجال الخلق والعفة والطهارة.
* الخلاصة:
- الحقيقة الأولى من هذين المثلين في القرآن وهو دستور الإسلام الخالد توضح لنا اتساع دور المرأة في المجتمع الإنساني حيث لا يدع الإسلام مجالا إلا ولها فيه ما للرجل تماما ، بدءا بسياسة الحاكم وانتهاء بسلوك المحكوم.
- والحقيقة الثانية هي دورها المتميز كما أسلفنا والذي لا يمكن أن يحسنه سواها وهو الحفاظ على القيم والأخلاق في المجتمع بدءا بتربية النشأ وانتهاء بالحفاظ على العفة والفضيلة .. فالحق يقال:
الأخلاق من المرأة وإليها وبها تكون أو لا تكون.
فالأم - أي المرأة - مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق.
بقلم : محمود شاهين.