4 ـ خارجة بن زيدخارجة بن زيد بن ثابت، الفقيه، الإمام ابن الإمام وأحد الفقهاء السبعة الأعلام، أبوزيد الأنصاري،النجاري، المدني، تابعي أدرك خلافة عثمان بن عفان وكان أبوه زيد بن ثابت من أكابر الصحابة.حدث عن أبيه ، وعمه يزيد،وأسامة بن زيد،وأمه أم سعد بنت سعد،وعبد الرحمن بن أبي عمرة ،ولم يكن بالمكثر من الحديث وحدث عنه جمع كبير من صغار التابعين والمحدثين.كان الناس يقصدونه ليسألوه الفتيا في القضايا التي تعرض لهم، وخاصة القضايا المستجدة وقسمة المواريث، وكان بارعاً بها كما كان أبوه.
روى الواقدي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال : كان الفقهاء السبعة الذين يسألون بالمدينة وينتهى إلى قولهم : سعيد بن المسيب ، وأبو بكر بن عبد الرحمن ، وعروة ، والقاسم ، وعبيد الله بن عبد الله ، وخارجة بن زيد ، وسليمان بن يسار. في خلافة عثمان رضي الله عنه كان أحد الذين وكل إليهم كتابة المصحف، وقال مصعب بن الزبير : كان خارجة بن زيد ، وطلحة بن عبد الله بن عوف في زمانهما يستفتيان ، وينتهي الناس إلى قولهما ، ويقسمان المواريث بين أهلها من الدور والنخيل ، والأموال ، ويكتبان الوثائق للناس . وروى معن القزاز عن زيد بن السائب ، قال : أجاز سليمان بن عبد الملك خارجة بن زيد بمال فقسمه .
وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وقال ابن خراش: خارجة بن زيد أجلّ من كل من اسمه خارجة.
وكان خارجة بن زيد أنيق الهيئة حسن المنظر، أنيق الهيئة، فقد قال زيد بن السائب: رأيت خارجة بن زيد يلبس كساء خز، ورأيته يلبس ملحفة معصفرة، ورأيته يعتم بعمامة بيضاء، وقد عرفنا أن أباه زيد بن ثابت كان في حالة رافهة،ولا شك أن جانباً كبيراً من مال أبيه قد آل إليه،لأن أغلب أخوته قتلوا يوم الحرة، ولهذا كان أمرا بديهيا أن تبدو عليه آثار النعمة والثراء في ملبسه ومظهره، وكانت تلك سمة فقهاء المدينة عامة.
عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن أبيه، قال: أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أن أتعلم كتاب يهود ، فما مر بي نصف شهر حتى تعلمت ; كنت أكتب له إلى يهود إذا كتب إليهم ، فإذا كتبوا إليه ، قرأت كتابهم له . أخرجه البخاري تعليقا، فقال: وقال خارجة عن أبيه .
نصح عمر بن عبد العزيز وكان عمر بن عبد العزيز يعرف له قدره ومكانته، وكان أحد فقهاء المدينة الذين دعاهم لما ولي الإمارة، وطلب إليهم أن يقدموا له النصيحة، فيما يعرض له من أمور الفتيا والقضاء.
جاء في كتاب «سير أعلام النبلاء» للإمام الذهبي أن حقه في الديوان كان قد قطع عنه، وقد كتب إلي عمر بن عبد العزيز أن يعطي خارجة ما قطع عنه من الديوان، فقال: لا يسع المال ذلك، ولو وسعه لفعلت، وقد مشى إلي أبي بكر بن حزم، فقال له: إني أكره أن يلزم أمير المؤمنين من هذا مقالة، ولي نظراء،فإن عمهم أمير المؤمنين بهذا فعلت،وإن هو خصني به، فإني أكره ذلك له. ولعل عمر كان مستعداً أن يعطي لخارجة ما قطع عنه، فلما طلب خارجة أن يكون ذلك عاماً لكل من قطع عنهم نصيبهم من الديوان كان ذلك سبباً في اعتذار عمر، وقد بين السبب في قوله: لا يسع المال ذلك، ولو وسعه لفعلت.
وكان لخارجة ثمانية من الأولاد أربعة منهم بنون، وهم زيد وعمرو، وعبد الله ومحمد، وكان يكنى أبا زيد، وقد عاش خارجة سبعين سنة، حيث توفي سنة 99 هجرية، وقيل سنة مئة ولما أخبر عمر بن عبد العزيز بوفاة خارجة، بدا عليه الحزن لفقده، واسترجع، وضرب بإحدى يديه على الأخرى، وقال : ثلمة والله في الإسلام .وقد روي عنه سنة وفاته أنه قال: رأيت في المنام كأني بنيت سبعين درجة، فلما فرغت منها تهورت، وهذه السنة لي السبعون قد أكملتها، فمات عنها وصلى عليه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم والي المدينة ودفن بالبقيع.
(من دروس 2016)